ولكم في قصاص حياة

وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ





قال الله و قوله الحق سبحانه و تعالى



{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى



فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ
ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ



فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(178)



ما تزال صحفنا المحلية والعربية تحمل في طياتها الكثير من القصص والمآسي القضائية التي

يندى لها الجبين وتقشعر لها الابدان


بين مصدق ومنكر



ابن يقتل والده.....- أم تحرق طفلها ...– خادمة تنكل بمكفولها....



أين نحن نعيش؟!؟! وما الذي حدث؟!؟!؟ وما هي الأسباب لذلك؟!؟!


ما أعتقده أن للغضب كثيرٌ من المضار العظيمة التي تمتد لتشمل جميع جوانب الحياة



الفردية ،والاجتماعية ، والجسمية ، والنفسية ، والفكرية



والتي تؤكد جميعها أن الغضب مفتاح الشرور لأنه يجمع الشر كله كما أشار إلى ذلك أحد عُلماء السلف بقول



" إن الغضب جماع الشر ، وإن التحرُّز ( التوقي ) منه جماع الخير "


فهو يُفقد الإنسان صوابه ، ويسلبه عقله ، ويدفعه إلى السب ، والشتم



والتلفظ بالألفاظ البذيئة وغير المؤدبة التي قد تُسبب له الحسرة والندامة فيما بعد



إضافةً إلى ما قد يقوم به الإنسان حين غضبه منالتصرفات الطائشة البعيدة عن الحكمة




إنه يوَّلد الحقد في القلوب ، وإضمار السوء للناس



وهذا ربما أدى إلىإيذاء المسلمين ، وهكذا تثور العداوةوالبغضاء بين الأصدقاء ،



وتنقطع الصلة بين الأقرباء ، فتفسد الحياة وتنهارالمجتمعات



وقد تتعدى ثورات الغضب الجانحة لأسوء من ذلك



فقد تؤدي لإزهاق أنفس وأرواح



أي تؤدي إلى القتل







{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }‏


أن من عرف ربه وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة،



أوجب له ذلك أن ينقاد لأمر الله، ويعظم معاصيه فيتركها، فيستحق بذلك أن يكون من المتقين.



ومن أوجه الإعجاز التشريعي في الآية الكريمة



{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }‏



‏(1)‏ أن فائدة تطبيق القصاص تشمل المجتمع كله وليست مقصورة علي أولياء الدم‏,‏ ومن هنا جاء الخطاب إلي الجماعة بتعبير‏(‏ ولكم‏).‏



‏(2)‏ أن القصاص يضمن المساواة بين الجريمة والعقوبة‏,‏
مما يجعله مانعا قويا لاطراد الجريمة في المجتمع‏,‏ ويجعل منه سدا منيعا أمام إهدار الدماء الذي يهدد حياة الجماعة بالفناء ‏.‏



‏(3)‏ أن إيراد لفظة‏(‏ حياة‏)‏ بغير‏(‏ أل‏)‏ التعريفية هو من قبيل التأكيد علي أن الحياة الآمنة من الجريمة هي الحياة الحقيقية‏,‏



فمن عرف أنه إذا قتل عامدا فإنه سوف يقتل فإنه بالقطع سوف يحافظ علي حياة غيره صونا لحياته هو



‏(4)‏ أن الخطاب في الآية الكريمة موجه إلي أولي الألباب أي‏:‏ أولي العقول والنهي‏,‏



وذلك للتأكيد علي أن الحكمة من هذا التشريع الإلهي لا يدركها إلا عقلاء الناس من أصحاب البصيرة



الذين يعلمون أن أمن الجماعة هو أمن لكل فرد فيها‏,‏ ومن



‏(5)‏ أن قيام ولي الأمر‏(‏ أو من ينيب عنه‏)‏ بتنفيذ القصاص فيه حفظ لأمن وسلامة المجتمع‏,‏
وصون لدماء الأبرياء من أفراده‏,‏‏

وفي ظل الحضارة المادية المعاصرة‏



حاول بعض المتعالمين التطاول علي حد القصاص‏,‏
معتبرين أن قتل النفس الإنسانية لا يليق أن يمارسه المجتمع في عصر التنوير الذي يدعونه‏,‏



وهو في الحقيقة عصر الظلام‏,‏
لأن الإنسان أذا عاش بأحكامه هو‏,‏
متجاهلا أحكام خالقه‏,‏ فإنه لا يمكنه أبدا أن يري النور أو أن يحقق العدالة الاجتماعية‏.



وفي ذلك يقول صاحب الظلال "إن الغضب للدم فطرة وطبيعة‏,‏
فالإسلام يلبيها بتقرير شريعة القصاص‏.
‏ فالعدل الجازم هو الذي يكسر شره النفوس‏,‏



ويفثأ حنق الصدور‏,‏ ويردع الجاني كذلك عن التمادي‏,‏
ولكن الإسلام في الوقت ذاته يحبب في العفو‏,‏



ويفتح له الطريق‏,‏ ويرسم له الحدود‏,‏
فتكون الدعوة إليه بعد تقرير القصاص دعوة إلي التسامي في حدود التطوع‏,‏



لا فرضا يكبت فطرة الإنسان ويحملها ما لا تطيق‏'.‏


هذا والله أسأل لنا ولكم السلامة والعافية في الدين والدنيا والاخرة



يا إله الكونِ ياربَ الوجود



يا عظيماً يا غفوراً يا ودود



جاوزت آثامنا كل الحدود



حقق الآمالَ وامحُ الذنوب

نسال الله ان يسدد خطانا وينور دربنا


[size=18]جزاك الله كل خير اخي محب ادريس ابكر[/size]