الدعوات الاسلامية
أهلا بك أخي الزار الكريم يجب عليك التسجيل لدخول والمشاركة في مندى الدعوات الاسلامية أهلا بك ومرحبا
الدعوات الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدعوات الاسلامية

منتدى اسلامي دعوي ينشر اخلاقيات الاسلام في المجتمع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ملك الحزن
المراقب العام
المراقب العام
ملك الحزن


 ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم 1310455469801


عدد المساهمات : 202
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 21/06/2011
الموقع : عـروس البح‘ـر

 ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم Empty
مُساهمةموضوع: ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم    ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم Emptyالأحد أغسطس 07, 2011 9:48 pm





- ولما أخبره رسول الله r بأمر الهجرة قال أبو بكر الصديق بلهفة: الصُّحْبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال رسول الله r: "الصُّحْبَةُ".



فماذا كان رد فعل أبي بكر لما علم أنه سيصاحب رسول الله r؟



أترك لكم السيدة عائشة تصور هذا الحدث: قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدًا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ.



يا الله، يبكي من الفرح للصحبة مع رسول الله r، مع أن هذه الصحبة الخطيرة سيكون فيها ضياع النفس، فمكة كلها تطارده r، ويكون فيها ضياع المال، ويكون فيها ضياع الأهل، ويكون فيها ترك البلد، لكن ما دامت في صحبة رسول الله r، فهذا أمر يبكي من الفرح لأجله.



- لقطة أخرى من لقطات الهجرة:



عند الوصول إلى غار ثور وهي لقطة (بدون تعليق):



ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: والله لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شر أصابني دونك. فدخل فكسحه، ووجد في جانبه ثقبًا، فشق إزاره وسدها به، وبقى منها اثنان فألقمهما رجليه، ثم قال لرسول الله r: ادخل. فدخل رسول الله r، ووضع رأسه في حجره ونام، فلُدغ أبو بكر في رجله من الجُحر، ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله r، فسقطت دمعة على وجه رسول الله r فقال: "مَا لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟" قال: لدغت فداك أبي وأمي. فتفل رسول الله r فذهب ما يجده.



- لقطة أخرى من لقطات الهجرة: لقطة يحكيها أبو بكر الصديق كما أوردها البخاري في صحيحه، يقول: ارتحلنا من مكة فأحيينا، أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا، وقام قائم الظهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه؟ فإذا صخرة أتيتها، فنظرت بقية ظل، فسويته بيدي، ثم فرشت للنبي r فيه، ثم قلت له: اضطجع يا نبي الله.



فاضطجع النبي r، ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدًا؟ فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا فسألته: لمن أنت يا غلام؟ قال: لرجل من قريش سماه فعرفته، فقلت هل في غنمك من لبن قال: نعم. قلت: فهل أنت حالب لبنًا؟ قال: نعم.



فأمرته فاعتقل شاه من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال هكذا ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب له كثبة من لبن، ومعي دواة حملتها للنبي r يرتوي منها يشرب ويتوضأ. فأتيت النبي r، فكرهت أن أوقظه، فوافقته حين استيقظ فصببت الماء على اللبن حتى برد أسفله فقلت: اشرب يا رسول الله. فشرب حتى رضيت، ثم قال: "أَلَمْ يِأْنِ الرَّحِيلُ؟" قلت: بلى. فارتحلنا، والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشة على فرس، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله. فقال: "لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا".



- لقطة أخيرة من لقطات الهجرة وليست الأخيرة من لقطات أبي بكر الصديق t، أخرج الحاكم في مستدركه عن عمر بن الخطاب t قال: خرج رسول الله r إلى الغار، ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه، وساعة خلفه، حتى فطن له رسول الله r، فسأله، فقال له: أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك. فقال: "يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ شَيْءٌ أَحْبَبْتَ أَنْ يَكُونَ بِكَ دُونِي؟". قال: نعم، والذي بعثك بالحق.



هل كان هذا الحب من طرف واحد؟



كلا والله، يقول رسول الله r في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة t: "الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِِنْهَا اخْتَلَفَ".



فلأن أبو بكر الصديق أحب رسول الله r هذا الحب الذي فاق كل حب، فإن رسول الله r قد رفع مكانته في قلبه فوق مكانة غيره.



روى الشيخان عن عمرو بن العاص t أن رسول الله r بعثه على جيش ذات السلاسل، يقول: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عَائِشَةُ". قلت: من الرجال؟ قال: "أَبُوهَا". قلت: ثم من؟ قال: "عُمَرُ". فعد رجالاً.



سؤال: هل كان يُرْغِمُ أبو بكر الصديق t نفسه على هذا الحب؟ هل كان يشعر بألم في صدره عندما يقدم حب رسول الله r على حب ماله أو ولده أو عشيرته أو تجارته أو بلده؟



أبدا والله، لقد انتقل الصديق من مرحلة مجاهدة النفس لفعل الخيرات إلى مرحلة التمتع، والتلذذ بفعل الخيرات، انتقل إلى مرحلة حلاوة الإيمان يذوقها في قلبه وعقله وكل كيانه.



يقول رسول الله r في الحديث الذي رواه الشيخان عن أنس t: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ".



هذا الحب الفريد لرسول الله r قاد إلى أمرين عظيمين يفسران كثيرًا من أعمال الصديق t الخالدة في التاريخ:



اليقين الكامل بصدق ما قال رسول الله r :
اليقين الكامل بصدق ما قال رسول الله r دون جدال أو نقاشٍ أو تنطع. ما نهى عنه ينتهي، وما أمر به يأتي منه ما استطاع، ونجد مصداق ذلك في أحداث كثيرة منها:



- عُرِض الإسلام على أبي بكر، وأن يدخل في دين جديد ما سمع به من قبل، وأن يترك دين الآباء والأجداد، وأن يخالف الناس أجمعين، ويتبع رجلاً واحدًا، أمر عجيب لا بد أن يلتفت إليه.



يقول رسول الله r: "مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الإِسْلامِ إِلا كَانَتْ لَهُ عَنْهُ كَبْوَةٌ وَتَرَدُّدٌ وَنَظَرٌ، إِلا أَبَا بَكْرٍ مَا عَتم (كف بعد المضي فيه) عَنْهُ حِينَ ذَكَرْتُهُ، وَمَا تَرَدَّدَ فِيهِ". يقين كامل أن هذا الرجل r لا يكذب.



- حادث الإسراء:
أخرج الحاكم في مستدركه عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء المشركون إلى أبي بكر فقالوا: هل لك إلى صاحبك؟ يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس. وهذا أمر عجيب جدًّا، وَضَعْ نفسك مكان أبي بكر الصديق، فالمسافة بين مكة والقدس أكثر من مائة يوم للذهاب فقط، فكيف يذهب، ويعود في ليلة؟! قال: أوَقال ذلك؟ قالوا: نعم. فقال: لقد صدق. دون أن يذهب إلى رسول الله ليستوثق منه، ثم يعطي التبرير لمن يستمع له، قال: إني لأصدقه بأبعد من ذلك بخبر السماء غدوة وروحة.



ويقال إنه لأجل هذه الحادثة سمي أبا بكر الصديق، والثابت أن رسول الله r هو الذي سمى أبا بكر بالصديق.



روى البخاري عن أنس t أن النبي r صعد أحد، وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: "اثْبُتْ أُحُدُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ".



بل في رواية الحاكم في المستدرك عن النزال بن سبرة رحمه الله أن الذي سماه بذلك هو الله U، قال النزال بن سبرة: قلنا لعلي: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن أبي بكر. قال: ذاك امرؤ سماه الله الصديق على لسان جبريل، وعلى لسان محمد r، وكان خليفة رسول الله r، رضيه لديننا، فرضيناه لدنيانا. ويقول الله U: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ} [الزُّمر: 33]. قال علي بن أبي طالب t: الذي جاء بالصدق محمد r، والذي صدق به هو أبو بكر الصديق t.



كما أننا نجد أن حياة الصديق t ما هي إلا تصديق مستمرٌ متصلٌ لرسول الله r.



- موقفه بعد صلح الحديبية، والموقف في صلح الحديبية كان شديد الصعوبة، فالرسول r كان قد رأى في منامه أنه يدخل المسجد الحرام، ويعتمر الناس، ثم لم يحدث هذا في ذلك العام، ثم عقدت معاهدة بنودها في الظاهر مجحفة وظالمة للمسلمين، ثم طبقت المعاهدة على أبي جندل بن سهيل بن عمرو مباشرة بعد إتمام المعاهدة، فرده رسول الله r إلى المشركين لما جاءه مسلمًا في مشهدٍ مأساوي مؤثر.



كل هذه الأمور وغيرها أثرت كثيرًا في نفسية الصحابة بِهَمٍّ عظيم، وغَمٍّ لا يوصف، وكان من أشدهم غمًّا وهمًّا عمر بن الخطاب t، انظر ماذا فعل عمر على عظم قدره، وفقهه، وماذا فعل الصديق رضي الله عنهما. أما عمر بن الخطاب t فقد ذهب إلى رسول الله r والغيظ يملأ قلبه فقال: أتيت النبي r فقلت: يا رسول الله، ألست نبي الله حقًّا؟ وهو لا يشك في ذلك قطعًا، ولكنه يبدي استغرابه مما حدث. قال: "بَلَى". قلت: ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل؟ قال: "بَلَى". قلت: أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟ قال: "بَلَى". قلت: علام نعطي الدنية في ديننا إذن؟



وعمر هنا ليس قليل الإيمان، بل بالعكس يريد ما هو أشق على النفس، ولا يسأل التخفيف أو التغاضي، والرسول r كان من عادته أن يوضح، ويبين لكن هنا الرسول يربي على الاستسلام دون معرفة الأسباب، ودون معرفة الحكمة، ما دام الله قد أمر.



قال: "إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَهُوَ نَاصِرِي، وَلَسْتَ أَعْصِيهِ". قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: "بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟". قلت: لا. قال: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ.



والرسول r صابر جدًّا في حديث عمر؛ لأنه يعلم ما به من الغم ويعذره، وهذه درجة عالية جدًّا من درجات الإيمان وهي غليان القلب حمية للدين.



لكن تعال من الجانب الآخر وانظر إلى أبي بكر. قلت: فأتيت أبا بكر، فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقًّا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذن؟ قال: أيها الرجل، إنه لرسول الله، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى حق.



هنا يغضب الرجل الرقيق؛ لأنه شعر أنه في هذه التلميحات إشارة، ولو من بعيد إلى شك في وعد رسول الله r. قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، فأخبرك إنك تأتيه العام؟ قلت: لا.



ولعلنا نلاحظ التشابه الشديد بين ردود الصديق t عنه، وردود رسول الله r. قال: فإنك آتيه ومطوف به.

يقين تام، ليس فيه ذرة شك من كلام رسول الله، هذا هو الصديق t، فكان عمر يقول: "ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به".



- هذا اليقين أيضًا يفسر لنا موقفًا عجيبًا من مواقف الصديق t وهو موقف إعلان الحرب على الفرس، فور الانتهاء من حرب الردة، فهذا من أعجب مواقف التاريخ على الإطلاق، ولنحسبها بحساباتنا المادية البشرية:



- فالدولة دولة ناشئة لا تشتمل إلا على جزيرة العرب فقط.



- والدولة ليس لها تاريخ في الحروب النظامية، فهي مجموعة من القبائل جمعها رسول الله r منذ أعوام قلائل.



- والدولة خارجة من حرب أهلية طاحنة، هي حروب الردة الضارية، والتي ارتدت فيها كل جزيرة العرب باستثناء ثلاث مدن وقرية.



- والفرس دولة تقتسم العالم مع دولة الروم، أي أنها إحدى الدول العظمى في العالم.



- وتاريخ الفرس قديم في الحروب النظامية، وجيوش الفرس تجاوز الملايين.



- والجيش الإسلامي المعد لحرب الفرس لم يكن يتجاوز العشرة آلاف وصلوا إلى ثمانية عشر ألفًا عند اكتمال العدة، وهو عدد لا يمثل قوة مدينة واحدة من مدن الفرس.



كل هذا وغيره، ومع ذلك يأخذ هذا القرار العجيب بالتوجه لفتح هذه البلاد.



وحتى تفهم هذا القرار ارجع وادرس الموقف في ضوء اليقين الذي تحلى به الصديق t:



أولاً: رسول الله r قد بَشّر بغلبة هذا الدين بصفة عامة على كل الأمم، والأحاديث أكثر من أن تذكر في هذا المجال، ولكن على سبيل المثال ما جاء في صحيح مسلم عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا".



ثانيًا: ثم لقد سمع بشارة من رسول الله r أكثر تخصيصًا، فإن رسول الله r قال لمشركي قريش، وكان فيهم أبو جهل: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَعْطَيْتُكُمْ كَلِمَةً إِنْ تَكَلَّمْتُمْ بِهَا مَلَكْتُمْ بِهَا الْعَرَبَ، وَلانَتْ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ". فقال أبو جهل: ما هي؟ وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها. قال: "تَقُولُونَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. وَتَخْلَعُونَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ". فصفقوا بأيديهم وقالوا: أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلهًا وحدًا؟ إن أمرك لعجب.



وأبو بكر قد قال كلمة لا إله إلا الله وصدق بها وعمل بها وجيش أبي بكر كذلك، فلماذا لا ينصر؟ بل العجب كل العجب ألا ينصر.



ثالثًا: بل هو قد سمع بشارةً أكثر تخصيصًا أيضًا من تلك التي سبقت، فقد كان مع المسلمين في حفر الخندق في الأحزاب يوم اعترضت المسلمين صخرة كبيرة، فقام إليها رسول الله r وضربها، وكان مما قال: "اللّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ فَارِسَ وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الآنَ".



رابعًا: بل هو رأى بعينه وسمع بأذنه هو دون بقية الصحابة ما حدث في طريق الهجرة من مكة إلى المدينة من أمر سراقة بن مالك، ورأى أقدام فرسه تسوخ في الرمال، ثم رسول الله r يقول لسراقة: "كَيْفَ بِكَ إِذَا لَبِسْتَ سِوَارَيْ كِسْرَى؟"



خامسًا: كما أنه t حضر مباحثات رسول الله r مع بني شيبان أيام مكة، ولما رفض بنو شيبان الدعوة الإسلامية؛ لأنهم اشترطوا شرطًا أن لا ينصروه إذا حارب الفرس، فإنهم ليست لهم طاقة بحرب الفرس، فماذا قال لهم رسول الله r قال: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ لَنْ تَلْبَثُوا إِلا قَلِيلا حَتَّى يُوَرِّثَكُمُ اللَّهُ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَيُفْرِشَكُمْ نِسَاءَهُمْ، أَتُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَتُقَدِسُونَهُ؟", فقالوا: اللهم لك هذا.



سادسًا: بل أكثر من ذلك، فقد حدث من أبي بكر الصديق t ما يذهب العجب عندك حينما تعلمه، فإنه في أوائل الفترة المكية قد نزل القرآن الكريم بمقدمات سورة الروم وفيها:



{الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ} [الروم: 1, 4].



وكان هذا إخبار بما حدث من هزيمة الروم وبما سيحدث من انتصارهم لاحقًا على الفرس. ذهب أبو بكر يذكر ذلك للمشركين يغيظهم به، وقد كان المسلمون يفرحون لنصر الروم؛ لأنهم أهل كتاب، بينما يفرح المشركون لنصر الفرس؛ لأنهم وثنيون مثلهم. فقال أبو بكر: ليظهرن الروم على فارس، أخبرنا بذلك نبينا. فصاح به أُبَي بن خلف الجمحي: كذبت يا أبا فصيل. فقال الصديق: أنت أكذب يا عدو الله. قالوا: هل لك أن نقامرك. فبايعوه على أربع قلائص إلى سبع سنين فمضت السبع، ولم يكن شيء، ففرح المشركون بذلك، فشق على المسلمين، فذكر ذلك للنبي r فقال: "مَا بِضْعِ سِنِينَ عِنْدَكُمْ؟". قالوا: دون العشر. قال: "اذْهَبْ فَزَايِدْهُمْ وَازْدَدْ سَنَتَيْنِ فِي الأَجَلِ". قال: فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس.



إذن هل يوقن الصديق بنصر النصارى على الفرس ولا يوقن بوعد رسول الله r بنصر المسلمين على الفرس وغيرهم؟ هذا والله أبدًا لا يكون.



كانت هذه بعض المواقف التي دلت على يقين الصديق t فيما قاله رسول الله r، يقينا تامًّا، لا يعتريه شك.



الاقتداء الكامل برسول الله r :
أما الأمر الثاني الذي قاده إليه حب رسول الله r فهو الاقتداء الكامل برسول الله r حتى وإن لم يدرك الحكمة، وهو يتمثل بقوله I: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].



وأبو بكر الصديق t يحب الله U حبًّا لا يُقَدر، ويعلم أن الطريق الطبيعي لحب الله هو اتباع الرسول r الاتباع المطلق.



فإن علم الحكمة فبها ونعمت، وإن لم يعلمها فالعمل هو العمل بنفس الحماسة ونفس الطاقة.



كثير من الناس يعرضون أقوال الرسول r على عقولهم القاصرة، فإن وافقت موافقة من عقولهم فعلوها، وإن لم توافق عقولهم أو أهوائهم تركوها ونبذوها، بل قد يسخرون منها، أما أبو بكر فلم يكن من هذا النوع، أبو بكر الصديق t كان يقتدي برسوله r في كل صغيرة وكبيرة، حتى لتشعر أنه لا يفرق بين فرض ونافلة، التصاق شديد بسنة رسول الله r، وبطريقته ومنهجه، إذا كنت تريد أن تصل إلى ما وصل إليه أبو بكر وأمثاله y فاعلم أن قدر السنة عندهم كان عظيمًا جدًّا.



- ما معنى السُّنة؟

ليس المقصود بالسنة النوافل التي كان يؤديها رسول الله r, المقصود من السنة أنها الطريقة، المنهاج، السبيل الذي كان يسلكه في حياته كلها.



السنة هي طريقته في السلم والحرب، في الأمن والخوف، في الصحة والمرض، في السفر والإقامة، في السياسة والاقتصاد، في الاجتماع، وفي المعاملات، في كل وجه من أوجه الحياة.



ابتليت الأمة الآن بمن يقللون من شأن السنة ويكتفون -كما زعموا- بأوامر القرآن، ويتركون توجيه رسول الله r، وكأنه توجيه رجلٍ من الصالحين أو شيخ من الشيوخ، ونسوا أن له مقامًا لا يصل إليه أحد من البشر، فهو يتلقى عن رب العزة، ويصف لك ما فيه خير الدنيا، وخير الآخرة.



وقد تنبأ رسول الله هذه الكارثة وهي التقليل من شأن السنة، فقد روى أبو داود والترمذي أن رسول الله قال: "يُوشِكُ رَجُلٌ مِنْكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ عَنِّي فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ".



أي أنه سيكتفي بكتاب الله، وينكر السنة، وكلهم جاهل بكتاب الله، ولو قرأه لعلم ما فيه من آيات تخص اتباع رسول الله r:



{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].



ألا وإن ما حرم رسول الله r مثل الذي حرم الله.



مشكلة خطيرة يقع فيها كثير من الناس إما بجهل، وإما بقصد، وتلك هي الطامة الكبرى.



فعندما ننظر إلى حياة الصديق t تجد اقتداء برسول الله r فاق كل اقتداء، تشعر به في أقواله، وفي أفعاله، وفي حركاته وسكناته، وبهذا بلغ المنازل.



الصديق وبعث أسامة :
- انظر مثلاً إلى موقفه في إنفاذ بعث أسامة بن زيد رضي الله عنهما، والحقيقة أننا نسمع عن إنفاذ جيش أسامة، فلا نعطيه قدره، ونتخيل أنه مجرد جيش خرج، ولم يلق قتالاً يذكر فأي عظمة في إخراجه؟! بيد أن دراسة ملابسات إخراجه، وتأملها تدل على عظمة شخصية الصديق، وكيف أنه بهذا العمل وهو أول أعمال خلافته، قد وضع سياسة حكمه التي تعتمد في المقام الأول على اتباع رسول الله r دون تردد، ولا شك، فقد كان رسول الله r قد أعد هذا البعث لإرساله لحرب الروم في شمال الجزيرة العربية، وقد أمّر عليه أسامة بن زيد، ولم يبلغ الثامنة عشر من عمره، ثم توفي رسول الله r، وارتدت جزيرة العرب كلها إلا ثلاث مدن هي مكة والمدينة والطائف وقرية صغيرة، وهي جواثا في منطقة هجر بالبحرين.



الجزيرة العربية كلها تموج بالردة ومع هذا أصر أبو بكر الصديق أن ينفذ بعث أسامة بن زيد إلى الروم مع اعتراض كل الصحابة على ذلك الأمر؛ لأنه ليست لهم طاقة بحرب المرتدين فكيف يرسل جيشًا كاملاً إلى الروم ويترك المرتدين، والحق أنه قرار عجيب، البلاد في حرب أهلية طاحنة، وبها أكثر من عشر ثورات ضخمة، ثم يرسل زعيم البلاد جيشًا لحرب دولة مجاورة، كان قد أعده الزعيم السابق، لكن أبو بكر كانت الأمور في ذهنه في منتهى الوضوح ما دام رسول الله r قد أمر فلا مجال للمخالفة، حتى وإن لم تفهم مقصود رسول الله r، حتى وإن لم تطلع على الحكمة والغاية، وهذه درجة عالية من الإيمان، كما أن رسول الله r قد علم بردة مسيلمة في اليمامة، والأسود العنسي في اليمن، ومع ذلك قرر تجهيز الجيش، وإرساله إلى الشام، وما دام رسول الله r قد أمر، فالخير كل الخير فيما أمر، فأصر على إنفاذ البعث إلى الروم.



جاءه الصحابة يجادلونه ويحاورونه، وهم على قدرهم الجليل لم يفهموا فهم الصديق t، فماذا قال لهم؟



قال: والله لا أحل عقدة عقدها رسول الله r، ولو أن الطير تخطفنا، والسباع من حول المدينة، ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين لأجهزن جيش أسامة.



وبالفعل أنفذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما، وكان الخير في إنفاذه، إذ أرعبوا قبائل الشمال، وسكنت الروم، وظنوا أن المدينة في غاية القوة، وإلا لما خرج من عندهم هذا الجيش الضخم، وحفظ الله المدينة بذلك، ورأى الصحابة بعد ذلك بأعينهم صدق ظن الصديق t، لكن الصديق كان يرى الحدث قبل وقوعه؛ لأنه يرى بعين رسول الله r.



ولما رأى الصحابة إصرار أبي بكر الصديق قال بعضهم لعمر بن الخطاب: قل له فليؤمر علينا غير أسامة.



فانتفض أبو بكر وأخذ بلحية عمر بن الخطاب وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، أؤمر غير أمير رسول الله r؟ وقد كانت لحظات الغضب في حياته t قليلة جدًّا، وكانت في غالبها إذا انتهكت حرمة من حرمات الله U، أو عطل أمر من أوامر رسول الله r.



- خطابه إلى عمرو بن العاص t: فقد كان رسول الله r قد ولى عمرو بن العاص مرة على عمان، ووعده أخرى بالولاية عليها، فلما استتب الأمر لأبي بكر الصديق بعد حروب الردة ولى عليها عمرو بن العاص تنفيذًا لوعد رسول الله r، مع أن هذه أمور يجوز للوالي الجديد أن يراها أو يرى غيرها حسبما رأى المصلحة، هذا أمر ليس شرعيًّا حتميًّا، ولكنه لا يريد أن يخالف ولو قدر أنملة، وهذا هو الذي وصل به إلى درجته، وهذا الذي رفع قدره، وهذا الذي سلم خطواته، وهذا الذي سدد رأيه.



ثم إنه قد احتاجه لإمارة جيش من جيوش الشام، وعمرو بن العاص طاقة حربية هامة جدًّا، لكن أبو بكر الصديق تحرج من استقدامه في مكان وضعه فيه رسول الله r مخافة أن يكره ذلك عمرو بن العاص فأرسل له رسالة لطيفة يقول فيها:



إني كنت قد رددتك على العمل الذي كان رسول الله r وَلاَّكه مرة، وسماه لك أخرى؛ مبعثك إلى عمان إنجازًا لمواعيد رسول الله r، فقد وليته ثم وليته، وقد أحببت أبا عبد الله أن أفرغك لما هو خير لك في حياتك ومعادك منه، إلا أن يكون الذي أنت فيه أحب إليك.



- هيبته في جمع القرآن، فإنه لما استشهد عدد كبير من حفظة القرآن في موقعة اليمامة، وخشي الصحابة على ضياع القرآن ذهبوا إلى أبي بكر يعرضون عليه فكرة جمع القرآن، فكان متحرجًا أشد التحرج من هذا العمل الجليل، قال:



كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله r؟



ورسول الله r لم ينه عن جمعه، ولكن كان من عادة الصديق t أن ينظر إلى فعل رسول الله r قبل الإقدام على أي عمل، فما وجده اتبعه، فلما نظر ولم يجد رسول الله قد جمع القرآن تهيب الموقف، واحتار، ولكنه لما اجتمع عليه الصحابة، وأقنعوه وخاصة عمر، استصوب جمعه لما فيه من خير.



وهكذا في كل مواقفه t ستجد حبًّا عميقًا لرسول الله r، دفعه إلى اليقين بصدق ما قال، ودفعه أيضًا إلى الاقتداء به في كل الأفعال والأقوال، ومع ذلك فإن هذا الحب العميق لم يدفعه إلى الظلم أبدًا.



وأكتفي كدليل على ذلك بحادثة واحدة في حياة الصديق t فقد خطب رسول الله r ابنة أبي بكر عائشة حين ذكرتها خوله بنت حكيم، وكان المطعم بن عدي قد خطبها قبل ذلك لابنه, فقال أبو بكر لزوجه أم رومان: إن المطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه، والله ما أخلف أبو بكر وعدًا قط. ثم أتى مطعمًا وعنده امرأته فسأله: ما تقول في أمر هذه الجارية؟ فأقبل الرجل على امرأته ليسألها ما تقولين؟ فأقبلت هي على أبي بكر تقول: لعلنا إن أعطينا هذا الصبي إليك تصبئه وتدخله في دينك الذي أنت عليه. فلم يجيبها أبو بكر، فسأل المطعم بن عدي: ما تقول أنت؟ فكان جوابه: إنها تقول ما تسمع.



فتحلل أبو بكر عند ذلك من وعده، وقَبِلَ خطبة رسول الله r بعد أن كان علقها على موافقة المطعم بن عدي مع رغبة نفسه الأكيدة في مصاهرة رسول الله r، طراز نادر من الرجال t.






 ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم 356_image002




مع تحيات

م‘ـلـك الـح‘ـزن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بندر العامري
المشرف العام
المشرف العام
بندر العامري


 ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم 1310455469801
عدد المساهمات : 183
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 29/06/2011
العمر : 37
الموقع : جده

 ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم    ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم Emptyالخميس أغسطس 11, 2011 6:54 am

جزاك الله خيـــــــــــــــــــر
وربي يسعدك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ابـوبـكر الصـديق وحب الرسول صلى الله عليه وسـلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ابـوبكـر الـصديق ووفاة الرسول صلى الله عليه وسـلم
» مـاالذي ابكى رسول الله صلى الله عليه وسـلم
» زينب رضى الله عنها ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم
» الحكمة من إكثار صيام الرسول صلى الله عليه وسلم
» كلمات تجعلك تبكي ==أخر كلمات قالها الرسول صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الدعوات الاسلامية :: حلقات الانبياء والخلفاء الراشدين :: حلقة الخلفاء الراشدين والصحابة-
انتقل الى: